الحمد لله محدث الأكوان
والأعيان، ومبدع الأركان والأزمان، ومنشئ الألباب والأبدان، ومنتخب الأحباب
والخلان، منور أسرار الأبرار. مما أودعها من البراهين والعرفان، والصلاة
والسلام على سيدنا محمد المصطفى العدنان وعلى الال والصحب ومن تبعهم باحسان
وبعد جاء في الحديث المروي عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم عن السبعة االذي
يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله منهم رجل دعته امراة ذات حسن وجمال
فقال اني اخاف الله فكان منهم العابد المجار، المعصوم حين الفتنة من
الفجار، أبو أيوب سليمان بن يسار. رحمه الله وقد جائت الاخبار عنه في حلية
الاولياء للإمام الحافظ , الثقة العلامة , شيخ الإسلام , أبو نُعيم ,
المهراني , الأصبهاني , الصوفي وبه قال
أخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه، وحدثني عنه محمد بن إبراهيم، قال:
حدثنا أبو العباس بن مسروق، قال: حدثنا بن حيان بن الحسين، قال: حدثنا محمد
بن بشر الكندي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن جرير بن عبيد بن حبيب ابن يسار
الكلابي، حدثني عن أبي حازم، قال: خرج سليمان بن يسار خارجاً من المدينة
ومعه رفيق له حتى نزلوا بالأبواء فقام رفيقه فأخذ السفرة وانطلق إلى السوق
يبتاع لهم وقعد سليمان في الخيمة، وكان من أجمل الناس وجهاً وأروع الناس،
فبصرت به أعرابية من قلة الجبل وهي في خيمتها فلما رأت حسنه وجماله انحدرت
وعليها البرقع والقفازان، فجاءت بين يديه فأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر،
فقالت: أهبتني فظن أنها تريد طعاماً فقام إلى فضل السفرة ليعطيها، فقالت:
لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله فقال: جهزك إلي إبليس،
ثم وضع رأسه بين كميه فأخذ في النحيب فلم يزل يبكي فلما رأت ذلك سدلت
البرقع على وجهها ورفعت رجليها بأكواب حتى رجعت إلى خيمتها،
فجاء رفيقه وقد ابتاع لهم ما يرفقهم فلما رآه وقد انتفخت عيناه من البكاء
وانقطع حلقه قال: ما يبكيك؟ قال: خير ذكرت صبيتي، قال: لا إن لك قصة إنما
عهدك بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بشأن الأعرابية
فوضع السفرة وجعل يبكي بكاءً شديداً، فقال له سليمان: أنت ما يبكيك؟ قال:
أنا أحق بالبكاء منك، قال: فلم قال: لأني أخشى لو كنت مكانك لما صبرت عنها،
قال: فما زالا يبكيان، قال: فلما انتهى سليمان إلى مكة وطاف وسعى أتى
الحجر واحتبى بثوبه فنعس، فإذا رجل وسيم جميل طوال له شارة حسنة ورائحة
طيبة، فقال له سليمان: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا يوسف بن يعقوب، قال:
يوسف الصديق؟ قال: نعم، قلت: إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لشأناً عجيباً،
فقال له يوسف: شأنك وشأن صاحبة الأبواه أعجب.